فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس: أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم العاقب، والسيد، فأنزل الله: {قل تعالوا ندع أبناءنا} إلى قوله: {ثم نبتهل} يريد ندع الله باللعنة على الكاذب. فقالوا: أخرنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة، والنضير، وبني قينقاع، فاستشارهم. فاشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه، وهو النبي الذي نجده في التوراة. فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألف حلة في صفر، وألف في رجب ودراهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة {فمن حاجَّك فيه} في عيسى {فقل تعالوا ندع أبناءنا} الآية فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وفد نجران، وهم الذين حاجوه في عيسى فنكصوا وأبوا. وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران، ولو فعلوا لاستؤصلوا عن وجه الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم عن الشعبي قال كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولًا في عيسى ابن مريم، فكانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم فيه. فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران {إن مثل عيسى عند الله} إلى قوله: {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فأمر بملاعنتهم، فواعدوه لغد، فغدا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن، والحسين، وفاطمة، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال لو باهل أهل نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلًا ولا مالًا.
وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا، وفاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فقال: «اللهم هؤلاء أهلي».
وأخرج ابن جرير عن غلباء بن أحمر اليشكري قال لما نزلت هذه الآية: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} الآية. أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، وفاطمة، وابنيهما الحسن، والحسين، ودعا اليهود ليلاعنهم فقال شاب من اليهود: ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير؟ لا تلاعنوا. فانتهوا.
وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية: {تعالوا ندع أبناءنا} الآية. قال: فجاء بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعلي وولده.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عباس {ثم نبتهل} نجتهد.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا الإخلاص يشير بأصبعه التي تلي الإبهام، وهذا الدعاء فرفع يديه حذو منكبيه، وهذا الابتهال فرفع يديه مدًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن هذا لهو القصص الحق} يقول: إن هذا الذي قلنا في عيسى هو الحق.
وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن سعد قال: كان بين ابن عباس وبين آخر شيء فقرأ هذه الآية: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل} فرفع يديه واستقبل الركن {فنجعل لعنة الله على الكاذبين}. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال الألوسي:
ومن باب الإشارة في الآيات: {فَلَمَّا أَحَسَّ} أي شاهد عيسى بواسطة النور الإلهي المشرق عليه {مِنْهُمُ الكفر} أي ظلمته، أو نفسه فإن المعاني تظهر للكمل على صور مختلفة بختلافها فيرونها.
وحكي عن الباز قدس سره أنه قال: إن الليل والنهار يأتياني فيخبراني بما يحدث فيهما، وعن بعض العارفين أنه يشاهد أعمال العباد كيف تصعد إلى السماء ويرى البلاء النازل منها {قَالَ مَنْ أَنصَارِى} في حال دعوتي {إِلَى الله} سبحانه بأن يلتفت إلى الاشتغال بتكميل نفسه وتهذيب أخلاقها حتى يصلح لتربية الناقصين فينصرني ويعينني في تكميل الناقص وإرشاد الضال {قَالَ الحواريون} المبيضون ثياب وجودهم بمياه العبادة ومطرقة المجاهدة وشمس المراقبة {نَحْنُ أَنْصَارُ الله} أي أعوان الفانين فيه الباقين به ومنهم عيسى عليه السلام {بالله فَإِذَا} الإيمان الكامل {واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52] أي مناقدون لأمرك حيث أنه أمر الله سبحانه: {رَبَّنَا ءامَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ} وهو ما نورت به قلوب أصفيائك من علوم غيبك {واتبعنا الرسول} فيما أظهر من أوامرك ونواهيك رجاء أن يوصلنا ذلك إلى محبتك {فاكتبنا مَعَ الشاهدين} [آل عمران: 53] أي مع من يشهدك ولا يشهد معك سواك، أو الحاضرين لك المراقبين لأمرك {وَمَكَرُواْ} أي الذين أحس منهم الكفر واحتالوا مع أهل الله بتدبير النفس فكان مكرهم مكر الحق عليهم لأنه المزين ذلك لهم كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [الأنعام: 108] فهو الماكر في الحقيقة وهذا معنى {وَمَكَرَ الله} [آل عمران: 54] عند بعض، والأولى القول باختلاف المكرين على ما يقتضيه مقام الفرق، وقد سئل بعضهم كيف يمكر الله؟ فصاح وقال: لا علة لصنعه وأنشأ يقول:
فديتك قد جبلت على هواكا ** ونفسي لا تنازعني سواكا

أحبك لا ببعضي بل بكلي ** وإن لم يبق حبك لي حراكا

ويقبح من سواك الفعل عندي ** وتفعله فيحسن منك ذاكا

{إِذْ قَالَ الله يا عيسى عِيسَى إِنّي مُتَوَفّيكَ} عن رسم الحدوثية {وَرَافِعُكَ إِلَىَّ} بنعت الربوبية {وَمُطَهّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ} [آل عمران: 55] بشغل سرك عن مطالعة الأغيار، أو متوفيك عنك، وقابضك منك، ورافعك عن نعوت البشرية ومطهرك من إرادتك بالكلية، وقيل: إن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أحس منهم الكفر وعلم أنهم بعثوا من يقتله قال للحواريين: إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي أي متصل بروح القدس ومتطهر من علاقة عالم الرجس فأمدكم بالفيض كي تستجاب دعوتكم الخلق بعدي، فشبه للقوم صورة جسدانية هي مظهر عيسى روح الله تعالى بصورة حقيقة عيسى فظنوها هو فصلبوها ولم يعلموا أن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة التي هي فلك الشمس، وحكمة رفعه إلى ذلك أن روحانيته عبارة عن إسرافيل عليه الصلاة والسلام ويشاركه المسيح في سر النفخ.
ومن قال: أنه رفع إلى السماء الدنيا بين الحكمة بأن إفاضة روحه كانت بواسطة جبريل عليه السلام وهو عبارة عن روحانية فلك القمر، وبأن القمر في السماء الدنيا وهو آية ليلية تناسب علم الباطن الذي أوتيه المسيح عليه السلام، ولم يعتبر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم القول: بأنه يدور حول العرش لأن ذلك مقام النهاية في الكمال، ولهذا لم يعرج إليه سوى صاحب المقام المحمود صلى الله عليه وسلم الجامع بين الظاهر والباطن {إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ} في أن كلا منهما خارق للعادة خارج عن دائرتها وإن افترقا في أن عيسى عليه الصلاة والسلام بلا ذكر بل من نطفة أنثى فقط كان في بعضها قوة العقد وفي البعض الآخر قوة الانعقاد كسائر النطف المركبة من منيين في أحدهما القوة العاقدة وفي الأخرى المنعقدة، وأن آدم عليه الصلاة والسلام بلا ذكر ولا أنثى خلقه من تراب أي صوّر قالبه من ذلك {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] إشارة إلى نفخ الروح فيه وكونه من عالم الأمر نظرًا إلى روحه المقدسة التي لم ترتكض في رحم {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ} أي الحق، أو في عيسى عليه السلام بالحجج الباطلة {فَقُلْ تَعَالَوْاْ} [آل عمران: 61] الخ أي فادعه إلى المباهلة بالهيئة المذكورة.
قال بعض العارفين: اعلم أن لمباهلة الأنبياء عليهم السلام تأثيرًا عظيمًا سببه اتصال نفوسهم بروح القدس وتأييد الله تعالى إياهم به وهو المؤثر بإذن الله تعالى في العالم العنصري فيكون انفعال العالم العنصري منه كانفعال أبداننا من روحنا بالعوارض الواردة عليه كالغضب والخوف والفكر في أحوال المعشوق وغير ذلك وانفعال النفوس البشرية منه كانفعال حواسنا وسائر قوانا من عوارض أرواحنا فإذا اتصل نفس قدسي به، أو ببعض أرواح الأجرام السماوية والنفوس الملكوتية كان تأثيرها في العالم عند التوجه الاتصالي تأثير ما يتصل به فينفعل أجرام العناصر والنفوس الناقصة الإنسانية منه بما أراد حسب ذلك الاتصال ولذا انفعلت نفوس النصارى من نفسه عليه الصلاة والسلام بالخوف وأحجمت عن المباهلة وطلبت الموادعة بقبول الجزية انتهى.
وادعى بعضهم أن لكل نفس تأثيرًا لكنه يختلف حسب اختلاف مراتب النفوس وتفاوت مراتب التوجهات إلى عام التجرد وفيه كلام طويل ولعل النوبة تفضي إلى تحقيقه، وهذا وتطبيق ما في الآفاق على ما في الأنفس ظاهر لمن أحاط خبرًا بما قدمناه في الآيات الأول، والله تعالى الموفق. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
1- {فلما أحس} قال أبو حيان: فيها استعارة إذ الكفر ليس بمحسوس، وإنما يعلم ويفطن به، فإطلاق الحس عليه من نوع الاستعارة.
2- {والله خير الماكرين} بين لفظ مكروا والماكرين جناس الاشتقاق وهو من باب المشاكلة.
3- {فيوفيهم أجورهم} فيه التفات من ضمير التكلم إلى ضمير الغيبة، وهو ضرب من ضروب الفصاحة.
4- {الحق من ربك} التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى الرسول لتشريفه عليه الصلاة والسلام.
5- {فلا تكن من الممترين} هو من باب (الإلهاب والتهييج) لزيادة التثبيت أفاده أبو السعود. اهـ.

.تفسير الآية رقم (64):

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما نكصوا عن المباهلة بعد أن أورد عليهم أنواع الحجج فانقطعوا، فلم تبق لهم شبهة وقبلوا الصغار والجزية، فعلم انحلالهم عما كانوا فيه من المحاجة ولم يبق إلا إظهار النتيجة، اقتضى ذلك عظم تشوفه صلى الله عليه وسلم إليها لعظم حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق، فأمره بأن يذكرها مكررًا إرشادهم بطريق أخف مما مضى بأن يؤنسهم فيما يدعوهم إليه بالمؤاساة، فيدعو دعاء يشمل المحاجين من النصارى وغيرهم ممن له كتاب من اليهود وغيرهم إلى الكلمة التي قامت البراهين على حقيتها ونهضت الدلائل على صدقها، دعاء لا أعدل منه، على وجه يتضمن نفي ما قد يتخيل من إرادة التفضل عليهم والاختصاص بأمر دونهم، وذلك أنه بدأ بمباشرة ما دعاهم إليه ورضى لهم ما رضي لنفسه وما اجتمعت عليه الكتب واتفقت عليه الرسل فقال سبحانه وتعالى: {قل} ولما كان قد انتقل من طلب الإفحام خاطبهم تلطفًا بهم بما يحبون فقال: {يا أهل الكتاب} إشارة إلى ما عندهم في ذلك من العلم {تعالوا} أي ارفعوا أنفسكم من حضيض الشرك الأصغر والأكبر الذي أنتم به {إلى كلمة} ثم وصفها بقوله: {سواء} أي ذات عدل لا شطط فيه بوجه {بيننا وبينكم} ثم فسرها بقوله: {ألا نعبد إلا الله} أي لأنه الحائز لصفات الكمال، وأكد ذلك بقوله: {ولا نشرك به شيئًا} أي لا نعتقد له شريكًا وإن لم نعبده.
ولما كان التوجه إلى غير الله خلاف ما تدعو إليه الفطرة الأولى عبر بصيغة الافتعال فقال: {ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا} أي كعزير والمسيح والأحبار والرهبان الذين يحلون ويحرمون.
ولما كان الرب قد يطلق على المعلم والمربي بنوع تربية نبه على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد، والأجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال: {من دون الله} الذي اختص بالكمال.
ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال- مسببًا عن ذلك مشيرًا بالتتعبير بأداة الشك إلى أن الإعراض عن هذا العدل لا يكاد يكون: {فإن تولوا} أي عن الإسلام له في التوحيد {فقولوا} أنتم تبعًا لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال: {أسلمت لرب العالمين} [البقرة: 131] وامتثالًا لوصيته إذ قال: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 132] {اشهدوا بأنا} أي نحن {مسلمون} أي متصفون بالإسلام منقادون لأمره، فيوشك أن يأمرنا نبيه صلى الله عليه وسلم بقتالكم لنصرته عليكم جريًا على عادة الرسل، فنجيبه بما أجاب به الحواريون المشهدون بأنهم مسلمون، ثم نبارزكم متوجهين إليه معتمدين عليه، وأنتم تعرفون أيامه الماضية ووقائعه السالفة. اهـ.

.اللغة:

{سواء} السواء: العدل والنصف، قال ابو عبيدة: يقال قد دعاك الى السواء فاقبل منه، قال زهير: اروني خطة لاضيم فيها يسوى بيننا فيها السواء.
{أولى} أحق.
{ودت} تمنت.
{تلبسون} اللبس: الخلط، يقال: لبس الأمر عليه إذا اشتبه واختلط.
{وجه النهار} أوله سمي وجها لانه اول ما يواجه من النهار، قال الشاعر: من كان مسرورا بمقتل مالك فليات نسوتنا بوجه نهار. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أورد على نصارى نجران أنواع الدلائل وانقطعوا، ثم دعاهم إلى المباهلة فخافوا وما شرعوا فيها وقبلوا الصغار بأداء الجزية، وقد كان عليه السلام حريصًا على إيمانهم، فكأنه تعالى قال: يا محمد اترك ذلك المنهج من الكلام واعدل إلى منهج آخر يشهد كل عقل سليم وطبع مستقيم أنه كلام مبني على الإنصاف وترك الجدال، و{قُلْ يا أهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أي هلموا إلى كلمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض، ولا ميل فيه لأحد على صاحبه، وهي {أن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} هذا هو المراد من الكلام. اهـ.

.قال ابن عاشور:

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [64].
رجوع إلى المجادلة، بعد انقطاعها بالدعاء إلى المباهلة، بعث عليه الحرص على إيمانهم، وإشارة إلى شيء من زيغ أهل الكتابين عن حقيقة إسلام الوجه لله كما تقدم بيانه.
وقد جيء في هذه المجادلة بحجة لا يجدون عنها موئلا وهي دعوتهم إلى تخصيص الله بالعبادة ونبذ عقيدة إشراك غيره في الإلهية.
فجملة {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} بمنزلة التأكيد لجملة {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا} [آل عمران: 61] لأن مدلول الأولى احتجاج عليهم بضعف ثقتهم بأحقية اعتقادهم، ومدلول هذه احتجاج عليهم بصحة عقيدة الإسلام، ولذلك لم تعطف هذه الجملة. اهـ.